تحليل سياسي .. الأخوان جمهوريون في الظاهر متحوثون في الخفى

النقابي الجنوبي / متابعات
في الوقت الذي تُغدق فيه قيادة حزب الإصلاح، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في اليمن، سلسلة من الوعود والخطابات التي تزدان بمفردات “الوحدة الوطنية” و”استعادة الدولة” و”مواجهة الانقلاب الحوثي”، تتكشف في المقابل، وبوتيرة متصاعدة، شواهد ميدانية ووقائع موثوقة تكشف عن شبكة تواصل متينة، بعضها سري والبعض الآخر أصبح علنيًا، مع المليشيا الحوثية. هذه المفارقة ليست مجرد ازدواجية في اللغة السياسية، بل تعكس استراتيجية عميقة الجذور تقوم على ازدواجية الخطاب كأداة تفاوضية ومناورة طويلة الأمد.
فالحزب، الذي يُقدّم نفسه محليًا وإقليميًا بوصفه قوة “جمهورية” في مواجهة المشروع الإيراني، يحرص في الوقت ذاته على الإبقاء على خيوط تواصل مع خصمه المفترض، سواء لأهداف براغماتية تتعلق بالحفاظ على مصالحه الاقتصادية والسياسية في مناطق سيطرة الحوثيين، أو كجزء من حسابات أوسع تتيح له استخدام هذا التواصل كورقة ضغط في أي تسوية سياسية مقبلة.
ويقرأ مراقبون هذا السلوك باعتباره نهجًا إخوانيًا كلاسيكيًا يقوم على تعدد الواجهات: خطاب علني موجّه للداخل ولحلفاء الخارج يشي بالعداء للحوثي، وسلوك ميداني يوحي باستعداد دائم لتقاسم النفوذ مع ذات الجماعة التي يهاجمها إعلاميًا.
الأخطر في هذه المفارقة أن الإصلاح، من خلال هذا التوازي بين القول والفعل، يرسل إشارات مبطنة لكل الأطراف: للحوثي بأن أبواب التفاهم مفتوحة متى ما اقتضت المصلحة، وللقوى الإقليمية والدولية بأنه لا يمكن تجاوزه كرقم صعب في أي حل قادم. وهكذا تتحول خطابات “توحيد الصف الجمهوري” إلى غطاء سياسي لسياسة ميدانية مزدوجة، هدفها الأساسي البقاء في قلب المعادلة اليمنية، مهما تبدلت موازين القوى أو تغيّرت طبيعة التحالفات.