اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

نبتة تنهش الجسد والوقت والاقتصاد

 

 

كتب / بسمة نصر

 

في مجتمعات كثيرة، يقال إن القات “عادة”، و”جزء من الموروث”، و”رفيق المجالس”. لكنّ الحقيقة التي باتت واضحة لا تحتمل الزخرفة: القات لم يعد مجرد عادة اجتماعية، بل تحوّل إلى إدمان جماعي يستنزف طاقة الشعوب ويقف عائقا أمام التنمية والوعي.

 

القات في سطور:

القات (Catha edulis) نبتة خضراء يتم مضغ أوراقها لساعات طويلة. تحتوي على مواد منبهة أبرزها الكاثينون، وهي مادة تشبه في تركيبها وتأثيرها الأمفيتامين. تعطي شعورا مؤقتا باليقظة والانتشاء، لكنها سرعان ما تترك وراءها جسدًا منهكا، وأعصابا مشدودة، وذهنا تائها.

 

التأثيرات الصحية:

– سم مغلف بالخضرة

– اضطرابات النوم والأرق المزمن

– فقدان الشهية وسوء التغذية

– أمراض الفم والأسنان

– مشاكل هضمية مزمنة

– ارتفاع ضغط الدم وخفقان القلب

– اكتئاب وهبوط نفسي بعد انتهاء المفعول

 

المشكلة الأخطر أن القات يخلق ارتباطًا نفسيًا شديدًا، يدفع المدمن إلى تكرار التعاطي يوميًا، وكأن اليوم لا يكتمل بدونه، فيما الحياة تمرّ من حوله دون إنجاز.

 

نزيف اقتصادي بلا مقابل

 

القات يستهلك:

40% من المياه الجوفية في بعض المناطق الزراعية.

 

30% من دخل الأسر الفقيرة في المتوسط.

 

ورغم هذا الإنفاق الضخم، فإن القات لا يدر عائدا اقتصاديا حقيقيا، ولا يدخل ضمن صادرات استراتيجية، ولا يسهم في الناتج المحلي.

 

مجتمع معطل.. وتنمية مؤجلة

جلسات القات التي تمتد لساعات طويلة تسهم في تغييب الإنتاج، وإضعاف روح المبادرة، وقتل الوقت. كثير من الشباب يقضون زهرة أعمارهم في مداومة هذه العادة دون تطور فكري أو إنتاجي يذكر.

حتى في البيوت، بات القات سببا في نزاعات أسرية، ومشكلات مالية، وغياب التواصل الحقيقي بين الأفراد.

 

القات في ميزان القانون

– في اليمن والقرن الإفريقي: يعتبر قانونيا ومتداولا على نطاق واسع.

 

– في الخليج وأوروبا وأمريكا: يصنف كمخدر محظور، ويعاقب على حيازته أو ترويجه.

 

هذا التفاوت القانوني يكشف عن حجم الجدل العالمي حول هذه النبتة، التي لم تستطع حتى الآن أن تحسم هويتها: هل هي موروث شعبي، أم داء متفشي؟!

 

إلى أين؟

لا يمكن مواجهة ظاهرة القات بالشعارات أو بالإنكار. المطلوب رؤية وطنية شاملة، تبدأ بـ:

– حملات توعية قوية داخل المدارس والجامعات.

– بدائل ترفيهية وثقافية ورياضية للشباب.

– تشجيع التحول الزراعي نحو محاصيل نافعة.

– وضع ضوابط صارمة لزراعته وتداوله.

 

 

خاتمة:  القات ليس مجرد ورقة تمضغ، بل هو سلوك مجتمعي يُعيد تشكيل اليوم، والعقل، والطموح.

إن التغيير يبدأ من السؤال الجاد:

هل نريد أن نكون أمة تمضغ وقتها؟ أم أمة تصنع مستقبلها؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى