لبناء إمبراطورية ذكاء اصطناعي.. زوكربيرغ يغري الباحثين بملايين الدولارات

النقابي الجنوبي/خاص
ميتا تستقطب خبراء من OpenAI وGoogle بعروض خيالية تثير الجدل
في خطوة جريئة تعكس طموحًا غير مسبوق، يسعى مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، إلى بناء فريق أحلامه في مجال الذكاء الاصطناعي عبر تقديم عروض مالية هائلة قد تتجاوز مئات الملايين من الدولارات. ويبدو أن زوكربيرغ بات مقتنعًا بأن مستقبل التكنولوجيا يرتكز على الذكاء الاصطناعي العام، ما دفعه لتأسيس “مختبرات ميتا للذكاء الفائق” وتكثيف جهود التوظيف من كبرى شركات التقنية.
ووفقًا لمصادر متعددة، فإن ميتا عرضت على كبار باحثي الذكاء الاصطناعي، خاصةً من OpenAI وGoogle DeepMind وAnthropic، رواتب ضخمة قد تصل إلى 300 مليون دولار على مدى أربع سنوات، مع إمكانية حصول بعض المناصب القيادية على تعويضات فورية تفوق 100 مليون دولار في عامهم الأول.
وقد عيّن زوكربيرغ الشاب ألكسندر وانغ، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Scale AI، البالغ من العمر 28 عامًا، كأول رئيس تنفيذي للذكاء الاصطناعي في ميتا، إلى جانب نات فريدمان، المدير التنفيذي السابق لشركة GitHub، في قيادة مختبرات الذكاء الفائق التي ستعمل على تطوير الجيل الجديد من نماذج اللغات الكبيرة.
عروض بمئات الملايين
ورغم أن ميتا لم تؤكد رسميًا حجم هذه العروض، فقد أكد أحد باحثي OpenAI الذين تلقوا عرضًا بأن الرواتب المعروضة تتراوح بين 850 ألف ومليون دولار سنويًا، لكنها أقل بكثير من الأرقام المتداولة في الإعلام. وفي المقابل، أشار المدير التقني لميتا، أندرو بوسورث، إلى أن عروض الـ100 مليون دولار مخصصة فقط لعدد قليل جدًا من المناصب العليا، نافيًا تعميم هذه الأرقام على الجميع.
ومع ذلك، فإن ما يميز عروض ميتا ليس فقط الأجور المرتفعة، بل أيضًا الوعود بتوفير موارد حوسبة هائلة للباحثين، وهي نقطة طالما اشتكى منها موظفو OpenAI الذين اتهموا المدير التنفيذي سام ألتمان بعدم الوفاء بتلك الوعود.
استقطاب واسع وقلق منافسين
وفي واحدة من أوسع حملات الاستقطاب في القطاع، تمكنت ميتا من ضم 11 باحثًا بارزًا على الأقل من شركات منافسة، بينهم أسماء معروفة مثل ترابيت بانسال، أحد العقول وراء نماذج OpenAI، وشوتشاو بي، الذي ساهم في تطوير المكونات الصوتية لـChatGPT-4o، إضافة إلى هويوين تشانغ، المسؤول عن أدوات توليد الصور في Google Research، إلى جانب جي لين، وجويل بوبار، وجاك راي، ويوهان شالكويك، وآخرين.
هذا التحرك المكثف أثار استياءً واضحًا داخل أروقة OpenAI، حيث وصف كبير مسؤولي الأبحاث، مارك تشين، في مذكرة داخلية شعور الشركة بـ”الاقتحام والسرقة”، بينما قال سام ألتمان خلال بودكاست إن ميتا “تحاول إغراء الموظفين بعروض توقيع بقيمة 100 مليون دولار”، مضيفًا أنه يعتبر ذلك “غير أخلاقي”.
في المقابل، سارع بوسورث إلى نفي تلك التصريحات، متهمًا ألتمان بـ”الكذب والمبالغة”، مؤكدًا أن ميتا تستقطب أفضل العقول ببساطة لأنها تمتلك رؤية طموحة وتوفر الموارد اللازمة للنجاح.
ميتا تتحدى.. والرسالة واضحة
على الرغم من أن أياً من الباحثين المنتقلين لم يؤكد حصوله على رواتب بقيمة 100 مليون دولار، إلا أن أغلبهم لم ينفِ الاستفادة من عروض مغرية. في الوقت ذاته، رد البعض على منصات التواصل الاجتماعي، نافيًا صحة بعض التقارير، واصفين الأرقام المتداولة بأنها “مضللة أو غير دقيقة”.
ومع ذلك، تبدو الرسالة التي يوجهها زوكربيرغ لمواهب وادي السيليكون واضحة وصريحة: “انضموا إلينا، ولا تقلقوا بشأن الموارد”، وهو تصريح يعكس إصرار ميتا على لعب دور ريادي في سباق الذكاء الاصطناعي، ولو كان ذلك عبر استنزاف فرق البحث في شركات منافسة.
ومع اشتداد حدة المنافسة، يبدو أن سوق الذكاء الاصطناعي دخل مرحلة جديدة من “حرب المواهب”، حيث لم تعد الرواتب فقط هي الحافز، بل أيضًا الطموح لتشكيل ملامح المستقبل التقني للعالم.