اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

علي سيقلي يكشف مساوئ الأخلاق في مقاله بعنوان “لا يرونك إلا إذا وقعت”

 

علي محمد سيقلي

هناك كائنات بشرية تعاني من “فوبيا الإنجاز”، وتتحسس من النجاح كما يتحسس البعض من العطر والبخور.

لا يزعجهم أنك نجحت، بل يثير جنونهم أنك لم تسقط بعد، هؤلاء لا يقيسونك بما فعلت، بل بما تعثرت به، وإن لم تتعثر، تكفلوا هم بتفاصيل أخطاءك.

هم لا يرون أنك كتبت مقالا جيدًا، وإن كتبته بصدق قالو “هذا مطبل”!، لكنهم يتقافزون فرحا حين يرون فاصلة ناقصة، أو حرف ناقص بسبب “غلطة مصبعية”.

ينكرون عليك تسع ابتسامات، ليتربصوا بعُبوس واحد، ثم يركضون إلى المواقع صارخين، “هذا هو وجهه الحقيقي” كأنهم حراس البؤس، ومندوبي الحقد المتجول.

هؤلاء لا تهمهم إنجازاتك، بقدر ما يستفزهم صمودك، لأن سقوطك عندهم هو المادة الخام لأحاديث القات والفسبكة، وزاد غرف الواتساب، وقصيدة الشماتة التي ينتظرون قراءتها بعلو الصوت النشاز.

ومن فرط إخلاصهم في تدميرك، يحاولون جرك إلى مستنقعهم، لأنهم لا يستطيعون التنفس في الأماكن النظيفة.

يحاولون أن يستدرجوك لتغضب، لتخطئ، لتنفجر، فقط لكي يقولوا: “ها قد رأيتم؟ لم نكن نبالغ، هذا هو على حقيقته”.
إنه مشروع اغتيال معنوي محترف، لكنه يفتقر للحرفية.

أما لو قلت كلمة راقية؟ تجاهلوها.
إن كتبت فكرة عظيمة؟ مروا عليها مرور العُميان.

لكن لو كتبت سطراً متعباً، أو ظهرت في لحظة انكسار، التقطوها بعدسة المجهر، وكأنهم باحثون في هيئة المراقبة الأخلاقية، وما أحقر تعليقاتهم.

الغريب أن بعضهم قد لا يملك في حياته كلها شيئًا يفتخر به، سوى أنه شهد سقوطك ذات تربص، وفرصة غدر، وكأنك لست إنساناً، بل نيزكًا كانوا يترقبونه منذ سنوات، فقط ليقولوا بعدها: “نحمد الله أنه تحطم”

فلا تتعب نفسك بإرضاءهم، ولا تسرف في شرحك.
فهم لا يبحثون عن فهمك، بل عن فرصة لدفنك في منشور كله “ذباب” ومعرفات مزيفة.

وفي النهاية، ستبقى أنت كما أنت، تُخطئ أحيانًا، وتُبدع كثيرًا.
أما هم، فسيبقون خلفك، يلعقون غبار مشيتك، لأنهم ببساطة، لا يعرفون طريقًا إلى القمة.

وكفى،،،

زر الذهاب إلى الأعلى