اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.
اخبار وتقارير

تحرير سقطرى.. خمسة أعوام من كسر التبعية وترسيخ الهوية الجنوبية

 

النقابي الجنوبي/تقرير/هشام صويلح

في ذكراها الخامسة: الجزيرة تنتصر على الفوضى وتُرسّخ نموذج الاستقرار والتنمية

خمسة أعوام تمضي على واحدة من أهم محطات الانتصار الجنوبي، حين كُتب لـ19 يونيو 2020 أن يكون يوماً فاصلاً في تاريخ أرخبيل سقطرى، لا باعتباره تاريخاً عسكرياً عابراً، بل باعتباره لحظة استعادة للقرار، وانتصاراً للهوية، ونقطة تحوّل فتحت بوابة الأمن والتنمية في وجه مخطط الإخوان، الذي حاول طمس معالم الجزيرة وابتلاعها ضمن أجندة الهيمنة والتمكين الحزبي.

في الذكرى الخامسة لتحرير سقطرى، تتعدد الأصوات وتتقاطع الروايات في تأكيد أمر واحد: أن الجزيرة التي كانت هدفاً لمخطط خارجي تآمري، نجت بإرادة أبنائها وبدعم من قيادتهم الجنوبية وقواتهم المسلحة، وتحولت من ساحة صراع إلى نموذج للهدوء والسياحة والبناء المؤسساتي.

سقطرى ما قبل التحرير: احتلال ناعم بمسمّى الشرعية

تاريخيًا، لم تكن سقطرى بمعزل عن ما شهدته بقية مناطق الجنوب من محاولات تركيع سياسي وأمني من قِبل قوى الشمال، إلا أن الأعوام التي سبقت 2020 كانت استثنائية في طبيعتها، إذ تحولت الجزيرة إلى معقل خاضع لنفوذ حزب الإصلاح، الذراع الإخواني داخل “الشرعية اليمنية”.

الدكتور صدام عبدالله وثّق هذه المرحلة بقوله:
“كانت سقطرى قبل التحرير تعيش حالة من التوتر والقلق نتيجة ممارسات المليشيات الإخوانية التي حاولت فرض سيطرتها على كل مناحي الحياة، من خلال الاستحواذ على مؤسسات الدولة، وتقاسم الموارد، وإقصاء الكفاءات المحلية”.

ويوضح بأن أبناء سقطرى شعروا حينها بـ”الغربة في وطنهم”، وأن الأمن كان شبه مفقود، والمشاريع متوقفة، والقرار مرتهن لقوى لا تمت للجزيرة بصلة.

19 يونيو 2020: اليوم الذي قال فيه السقطريون كلمتهم

تحولت لحظة التحرير إلى ما يشبه “إعلان الإرادة الشعبية”، كما وصفها المتحدث باسم القوات المسلحة الجنوبية، المقدم محمد النقيب، الذي أكد أن أبناء سقطرى انتفضوا في مشهد بطولي مهيب “ملتفين حول قيادتهم الشجاعة، وأبطال قواتهم المسلحة الجنوبية، في مواجهة مشروع الاحتلال الإخواني الذي حاول اختطاف الجزيرة وطمس هويتها”.

ويضيف النقيب:
“إن ذكرى تحرير سقطرى لا تمثل فقط انتصارًا على المشروع الاحتلالي الإخواني، بل تُجسّد إرادة شعب لا يقبل التنازل عن أرضه ولا التفريط في هويته، وتؤكد أن الجنوب، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، ماضٍ نحو استعادة دولته كاملة السيادة.”

وفي هذه اللحظة الفاصلة، دوّن السقطريون أسماءهم في سجل المقاومة الجنوبية، عبر خطوات حاسمة أفضت إلى طرد الميليشيات، واستعادة المؤسسات، وإطلاق عجلة التغيير.

من تحرير الأرض إلى تحرير القرار

ما بعد التحرير، لم تتوقف العملية عند الانتصار العسكري. بل بدأت المرحلة الأصعب: البناء وإعادة الروح لسقطرى، التي عانت من التهميش والعبث.

يؤكد د. صدام أن التحولات التي أعقبت التحرير كانت عميقة، مشيرًا إلى أن سقطرى دخلت في صفحة جديدة من “الاستقرار والأمن”، مع انطلاق المشاريع التنموية، وعودة الحياة إلى طبيعتها، وبدء مرحلة “تمكين أبناء سقطرى من إدارة شؤونهم”.

ويتابع:
“هذا الاستقرار لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة جهود كبيرة لترسيخ الأمن، وتفعيل المؤسسات المحلية، وبدعم واضح من التحالف العربي، الذي كان له دور أساسي في دعم هذه التحولات.”

المجلس الانتقالي الجنوبي، عبر قيادته المحلية في سقطرى، لعب دورًا محوريًا في ترسيخ هذا النموذج، حيث قال رئيس القيادة المحلية، سعيد بن قبلان:
“تحرير جزيرة سقطرى في 19 يونيو 2020 كان انتصاراً تاريخياً على مشروع الفوضى والهيمنة… ونعاهد شعبنا على مواصلة مسيرة التحرير والبناء.”

الإعلام الجنوبي: سلاح في معركة الوعي

لم تكن معركة التحرير مقتصرة على الميدان، بل لعب الإعلام الجنوبي دورًا كبيرًا في مواجهة الأكاذيب والتزييف الذي مارسته الأبواق الإخوانية. ويؤكد صالح جميل، مدير إدارة الإعلام في انتقالي سقطرى:
“في مثل هذا اليوم، استردت سقطرى كرامتها، وأثبت أبناؤها أن الوعي والثبات أقوى من مشاريع الفوضى. تحية لكل قلم حر وعدسة وطنية شاركت في نقل الحقيقة.”

الشهداء.. ذاكرة الدم الطاهر

التحرير لم يكن بلا ثمن، فقد كتب تاريخ سقطرى بدماء رجال صدقوا العهد. ويبرز اسم الشهيد طاهر علي عيسى السقطري كأحد أبرز الأبطال الذين سقطوا دفاعًا عن الجزيرة، حيث قضى في كمين إخواني غادر أثناء مواجهة المشروع التخريبي في سقطرى.

ويقول أحد النشطاء:
“تحرير سقطرى تحقق بدماء الأبطال، وعلى رأسهم الشهيد طاهر، الذي سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة كل جنوبي.”

نموذج متقدم في التنمية والسلام

اليوم، وبعد مرور خمس سنوات، أصبحت سقطرى مضرب مثل في الاستقرار والنهضة. تشهد الجزيرة انتعاشًا سياحيًا ملحوظًا، بفضل بيئتها الآمنة وإدارتها المحلية المتماسكة، وتُعتبر واحدة من أنجح النماذج التي جسّدت مفهوم “ما بعد التحرير”.

ويقول الناشط السياسي راسم سعد:
“سقطرى تنعم بالأمن والاستقرار منذ تحريرها من الإخوان، وشهدت انتعاشًا سياحيًا بفضل الأوضاع المستقرة.”

ويؤكد د. صدام عبدالله هذا المنحى بالقول:
“اليوم، يدير أبناء سقطرى شؤونهم بحكمة واقتدار، ويعملون على بناء مستقبل أفضل لجزيرتهم، بدعم وتأييد من الداخل والخارج، وقيادة جنوبية رشيدة.”

رسائل الذكرى الخامسة: لا عودة للإخوان، ولا مساومة على الجنوب

الرسائل التي تتصدر الذكرى الخامسة واضحة وجازمة، أبرزها أن لا عودة للإخوان إلى سقطرى، وأن الجنوب عصيّ على مشاريع الترويض والتفكيك. ويقول أحد الإعلاميين الجنوبيين:
“الشرعية اليمنية تنكّرت لسقطرى، وكانت القوات المسلحة الجنوبية درعًا وسلاحًا للدفاع عن الشرف والإرادة الشعبية.”

كما أُطلق هاشتاج

الذكرى الخامسه لتحرير سقطرى، الذي دعا إليه نشطاء وقيادات، تذكيرًا بما تحقق، وتجديدًا للعهد على المضي في طريق التحرير الكامل للجنوب.

خاتمة: دروس من سقطرى لكل الجنوب

تحرير سقطرى لم يكن معركة محلية، بل محطة مفصلية في مسار القضية الجنوبية. ومن خلال هذا النموذج، يتجلى كيف يمكن للإرادة الشعبية والتنظيم السياسي والمشروع الوطني أن يصنعوا التحول العميق من واقع الهيمنة إلى واقع التمكين.

كما يقول د. صدام:
“الذكرى الخامسة لتحرير سقطرى ليست مجرد احتفال بحدث مضى، بل تأكيد على حق أبناء سقطرى في العيش بأمن وسلام، وتحقيق تطلعاتهم في التنمية والازدهار.”

وفي الختام، تبقى سقطرى شاهدة على أن الجنوب إذا أراد، لا يُكسر.

زر الذهاب إلى الأعلى