متحف عدن… رمز حضاري يتحول إلى شاهد على الخراب

كتب / سمير الوهابي
في قلب مدينة عدن، يقف متحف عدن العسكري صامتاً، يلفّه الغبار وتُغطيه آثار الدمار، كأنه صرخة حجرية في وجه النسيان. هذا المبنى العريق الذي كان يوماً ما مركزاً للتاريخ العسكري والثقافة والتراث، تحوّل منذ أكثر من 11 عاماً إلى أطلال مهجورة، تعكس بوضوح حجم الإهمال والتدهور الذي تعيشه المدينة.
تحطمت أجزاء من واجهته الجميلة ذات الطابع المعماري الفيكتوري، وانهارت بعض الأعمدة، بينما تُغلق الجدران الإسمنتية المداخل، وكأنها تحبس ذاكرة عدن خلف الركام.
ومع كل صباح تمر السيارات من أمامه، ويُدير المواطنون وجوههم عنه، وكأنهم اعتادوا على أن يتحول التاريخ إلى شاهد على الخذلان.
هذا المتحف لم يكن مجرد مبنى صامت، بل كان في وقت مضى يستقبل ضيوف عدن الكبار من رؤساء دول، وزراء، ووفود زائرة، وطلاب مدارس. كان يمثل حركة حيوية أمام تاريخ المدينة، الذي طالما ألهب مشاعر كل زائر وقف أمامه.
فقد بدأ المبنى كمدرسة منذ تأسيسه، ثم تحول إلى متحف في عهد حكومة الاستقلال، ليكون شاهداً حياً يروي للأبناء كيف واجه الأجداد والآباء أحد أعتى إمبراطوريات العالم، التي كانت تُعرف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة من عدن في 30 نوفمبر 1967، لتنتهي حقبة الاستعمار البريطاني. ورغم ذلك، لم تنتهِ معاناة الوطن، إذ استمرت محاولات بريطانيا لزرع الفتن والانقسام بين أبناء الشعب الواحد حتى اليوم
في بلد يعاني من الحرب والانقسام، يبدو أن الثقافة ليست فقط ضحية، بل أصبحت منسية بالكامل. فهل ستعود الروح إلى هذا المكان؟ أم سيبقى متحف عدن رمزًا صامتًا لوطن لم يعد يتسع لذاكرته؟
سمير الوهابي