مسيّرات الاحتلال تقصف مدنيين خلال تسلّم مساعدات وسط غزة

النقابي الجنوبي/خاص
31 إصابة قرب حاجز نتساريم في هجوم مباشر يفاقم جرائم الإبادة
أُصيب عشرات المدنيين الفلسطينيين، صباح الإثنين 9 يونيو 2025، إثر استهداف مباشر من قبل طيران الاحتلال الإسرائيلي المسيّر لمناطق تجمّع المواطنين قرب نقطة توزيع مساعدات إنسانية وسط قطاع غزة.
وأفادت مصادر طبية في مستشفى العودة بمخيم النصيرات أنها استقبلت 31 إصابة متفاوتة الخطورة، نتيجة القصف الإسرائيلي الذي طال تجمعات سكانية قرب حاجز نتساريم في وسط القطاع. وبحسب ما نقلته وكالة “سوا” الفلسطينية، فإن طائرات الاحتلال المسيّرة من نوع “كواد كابتر” أطلقت الرصاص الحي والقنابل الصغيرة بشكل مباشر على المدنيين الذين كانوا يصطفون للحصول على المساعدات.
استهداف متكرر للمدنيين
الهجوم الجديد يأتي في سياق سياسة متواصلة تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من ثمانية أشهر، تمثلت في استهداف ممنهج للمدنيين، خاصة في أماكن يفترض أنها مخصصة لتقديم المساعدات أو الإيواء، وهو ما يضاعف من الكارثة الإنسانية في غزة ويحول دون وصول المساعدات للمحتاجين.
وبينما تتواصل الغارات الجوية والهجمات المدفعية في مختلف مناطق القطاع، بات واضحًا أن إسرائيل تعتمد على طائرات مسيّرة صغيرة في عمليات الاستهداف الدقيق للتجمعات المدنية، وهو تطور ميداني يُنذر بزيادة عدد الإصابات اليومية في ظل انعدام الحماية وتقلص المساحات الآمنة للسكان.
سياق إبادة جماعية موثقة
منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل، بدعم أمريكي صريح، جريمة إبادة جماعية متكاملة الأركان بحق سكان غزة، شملت القتل والتجويع والدمار والتهجير، وسط تجاهل فاضح للنداءات الإنسانية ومخالفة لأوامر محكمة العدل الدولية التي طالبت تل أبيب بوقف الحرب.
ووفقاً لآخر الإحصائيات الفلسطينية، خلّفت هذه الإبادة ما يزيد عن 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولًا تحت الأنقاض أو في أماكن الاحتجاز، فيما يعاني مئات الآلاف من ظروف نزوح قسري ومجاعة تسببت بوفاة العديد، خاصة الأطفال.
كما أشارت التقارير الحقوقية إلى أن إسرائيل لم تكتفِ بالعدوان العسكري، بل عمدت إلى تقويض النظام الصحي، ومنع الإمدادات الطبية والغذائية من الوصول، مستهدفة حتى سيارات الإسعاف والمستشفيات، ما ضاعف من حجم الكارثة الإنسانية.
إدانات دولية محدودة وصمت عربي
ورغم توالي الإدانات الدولية، إلا أن مفعولها ظل شكلياً في ظل الدعم الأمريكي السياسي والعسكري غير المشروط لإسرائيل، وصمت عربي رسمي لم يرتقِ إلى مستوى الكارثة. فيما عبّرت منظمات حقوق الإنسان عن خشيتها من أن يتحول ما يجري في غزة إلى نموذج مأساوي للإفلات من العقاب إذا لم تتحرك الهيئات الدولية بشكل فعّال لوقف العدوان.
ويُعد استهداف الطائرات المسيّرة لتجمعات المدنيين في وضح النهار مؤشراً على تصعيد جديد في أدوات القتل الإسرائيلية، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، خاصة مع تزايد تقارير الإبادة وتوثيق جرائم الحرب بشكل يومي.
ختامًا، فإن ما يحدث في غزة لم يعد مجرّد حرب تقليدية، بل فصل من فصول التطهير الجماعي الممنهج، وتحوّل ممنهج للمساعدات الإنسانية إلى مصائد موت، ما يجعل السكوت الدولي شراكة فعلية في الجريمة، ويفرض على الضمير العالمي أن يتحرك قبل فوات الأوان.