جوجل تكشف عن مستقبل “ما بعد جيميل” مدعوم بالذكاء الاصطناعي

النقابي الجنوبي/خاص
في تحول لافت قد يغير الطريقة التي يدير بها الملايين حول العالم بريدهم الإلكتروني، كشفت شركة جوجل عن خطط طموحة لإطلاق نموذج جديد من خدمة البريد الإلكتروني يعتمد كليًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي. الإعلان جاء على لسان ديميس هاسابيس، الرئيس التنفيذي لشركة “ديب مايند” التابعة لجوجل، خلال فعالية تقنية عقدت مؤخرًا في العاصمة البريطانية لندن.
وبحسب هاسابيس، فإن المشروع المستقبلي يهدف إلى تجاوز المفهوم التقليدي للبريد الإلكتروني، الذي وصفه بأنه “عبء يومي”، مقترحًا نموذجًا أكثر ذكاءً يمكنه ليس فقط تنظيم الرسائل، بل الرد عليها نيابة عن المستخدم بأسلوب شخصي وفعّال. وبينما يحتوي Gmail حاليًا على ميزات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل “الردود الذكية” و”تلخيص الرسائل”، فإن الرؤية الجديدة تشير إلى قفزة نوعية في قدرة النظام على الفهم والتفاعل.
النموذج الجديد، الذي وصفته بعض المصادر التقنية باسم “السوبر ميل”، يعِد بتجربة أكثر تنظيمًا عبر تحليل أنماط استخدام كل مستخدم وتقديم توصيات أو تدخلات مباشرة لتصفية الرسائل غير المهمة والتعامل مع الرسائل العاجلة. الهدف الأساسي هو تقليل الوقت المهدر يوميًا في مراجعة البريد الإلكتروني، مع ضمان عدم تفويت أي تواصل حيوي.
هاسابيس ذهب أبعد من ذلك في توصيفه لطموحات فريقه، مؤكدًا استعداده الشخصي “لدفع مبالغ كبيرة” فقط للتخلص من الفوضى المتزايدة في صناديق البريد الإلكتروني، في تعبير عن الإحباط الذي يشعر به كثيرون من تدفق الرسائل غير المرغوب فيها والردود الروتينية.
لكن هذا التحول الجذري يثير في المقابل تساؤلات ملحّة حول قضايا الخصوصية، إذ يعتمد النظام الجديد على تحليل محتوى الرسائل وسلوك المستخدم، ما قد يدفع بعضهم للتوجس من احتمالات الوصول غير المصرح به أو استغلال البيانات. تصريحات هاسابيس ألمحت أيضًا إلى احتمال تقديم النموذج الجديد كخدمة مدفوعة، ما يعكس تفكير جوجل في نموذج اقتصادي مستدام يمكنه تمويل البنية التقنية المتقدمة المطلوبة لتشغيل هذه المنظومة.
وبينما لا توجد خطط وشيكة لإلغاء Gmail، فإن إشارات واضحة بدأت تتبلور عن مستقبل “ما بعد جيميل” داخل أروقة الشركة العملاقة، حيث يسعى مهندسو جوجل إلى إعادة تعريف مفهوم البريد الإلكتروني ليكون أكثر بساطة، وكفاءة، وتكيّفًا مع احتياجات المستخدمين المتغيرة.
في ظل هذه التوجهات، يبقى السؤال: هل سيقبل المستخدمون تسليم زمام تواصلهم اليومي إلى خوارزميات متقدمة؟ وهل سينجح “السوبر ميل” في تجاوز التحديات التقنية والأخلاقية ليفرض نفسه كبديل عملي؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.