سقوط مشروع بن (حبريش) من الداخل.. ثلاثة من أبرز داعميه يكشفون وهم الحكم الذاتي
من التطبيل إلى التبرؤ.. كيف انهار خطاب بن حبريش من الداخل؟

سقوط مشروع بن (حبريش) من الداخل.. ثلاثة من أبرز داعميه يكشفون وهم الحكم الذاتي
من التطبيل إلى التبرؤ.. كيف انهار خطاب بن حبريش من الداخل؟
النقابي الجنوبي/خاص
لم يأتِ الانكشاف من الخارج، بل كان الانهيار من الداخل. ثلاثة من أبرز مروّجي مشروع عمر بن حبريش خرجوا من عباءته فجأة، ونفضوا عنهم غبار التبعية، وصرّحوا علنًا أن مشروع ما يسمى “الحكم الذاتي الحضرمي” لم يكن سوى بيع للوهم، لا أكثر.
هذا التحوّل لم يكن عاديًا، بل مثّل نقطة تحوّل مفصلية في الخطاب الذي ظلّ يُروّج له بن حبريش طوال الفترة الماضية، مستخدمًا لافتات “نهب حقوق حضرموت”. لكنّ المفارقة أن خطابه سقط بأيدي أقرب الناس إليه، في مشهد يقول الكثير عن هشاشة المشروع من أساسه.
صدمة المروجين: انقلاب المواقف
في الأيام الأخيرة، خرج كل من عوض كشميم، والناشط أمين باشميلة، ومحمد سليمان بن بريك، بتصريحات متفرقة حملت مضمونًا واحدًا: “بن حبريش يبيع الوهم”.
كشميم، الذي خرج من على منصة إعلامية، وقالها بوضوح: “أنتم تبيعون الوهم باسم الحكم الذاتي”.
أما باشميلة، فكان أكثر وضوحًا حين قال في تسجيل صوتي متداول: “ماشي فائدة منك يا بن حبريش، ارجع إلى منصبك واترك عنك بيع الوهم”.
في حين لخص بن بريك موقفه بجملة حاسمة في فيديو قصير: “الحرب قائمة بين المحافظ وبن حبريش على حسابنا نحنا الذين نعيش بلا كهرباء وفي الحر… كلهم كذب”.
هذه المواقف الثلاثة التي صدرت من قلب الحاضنة التي تبنّت مشروع الهضبة، فتحت الباب أمام أسئلة كثيرة، أهمها: لماذا تبرّأ هؤلاء فجأة من مشروع كانوا من أوائل مروّجيه؟
المشروع بلا أساس… والخطاب بلا مضمون
كان مشروع بن حبريش يقوم على عدة شعارات: “حقوق حضرموت المنهوبة”، “تجنيد قوة لحماية الأرض”، “الحكم الذاتي”.
لكنّ نظرة متأنية تكشف أن هذه الشعارات، رغم جاذبيتها الظاهرة، افتقرت إلى الرؤية، والشرعية، والواقعية.
فالرجل الذي ظلّ يصرخ من الهضبة ضد “نهب الحقوق” هو نفسه من شغل منصب وكيل أول محافظة حضرموت لعشر سنوات، وكان جزءًا من النظام الإداري الذي سكت عن تلك الحقوق أو شارك في نهبها.
أما تجنيد قوات خارج إطار الدولة، فكان محطّ رفض واضح من الحكومة والتحالف العربي، لما فيه من تهديد للمنظومة الأمنية الشرعية.
وأما “الحكم الذاتي” الذي ظل يلوّح به، فهو مطلبٌ لا يتحقق بخطاب تعبوي، بل يحتاج إلى تغييرات دستورية شاملة لا يملكها بن حبريش ولا أنصاره، ولا حتى المجلس الرئاسي حاليًا.
سؤال اللحظة: هل كانت حضرموت بحاجة إلى مشروع خارج سياقها الجنوبي؟
حين طُرح مشروع الحكم الذاتي الحضرمي خارج إطار المجلس الانتقالي الجنوبي، وبدأت تظهر ملامح دعم قطري وعُماني له، وُضعت علامات استفهام حقيقية حول غاياته الفعلية.
فالحديث عن “الخصوصية الحضرمية” تحوّل في خطاب بن حبريش من مسار تكاملي داخل الجنوب، إلى محاولة فصل تعسفية، تحمل طابعًا تفكيكيًا يطابق ما يسعى إليه الحوثيون والإخوان، بل ويدعمه إعلام قطر وسلطنة عمان في توقيت بالغ الحساسية.
أصبح السؤال المُلحّ: هل تحتاج حضرموت إلى مشروع “استقلالي” يُدار من خارج الجنوب؟ أم تحتاج إلى تعزيز تمثيلها داخل إطار جنوبي جامع يضمن مصالحها وحقوقها؟
تفكّك الخطاب من الداخل: لحظة سقوط الوهم
لا يحتاج المتابع لكثير جهد ليدرك أن حالة الانكشاف التي مر بها مشروع بن حبريش لم تكن نتيجة “حرب إعلامية خارجية”، بل نتيجة اصطدام أنصاره أنفسهم بواقع الخديعة.
حين يتراجع كشميم، ويصرخ باشميلة، ويُصاب بن بريك بالإحباط، فإن هذا يعني شيئًا واحدًا: أن الغطاء الشعبي الذي حاوله بن حبريش في مخيم الهضبة قد انهار.
الهضبة التي ظل فيها معتصمًا، لم تنتج قوة، ولا حلاً، ولا مسارًا، بل مثّلت عزلة سياسية وشعبية معًا.
الاعتصام الذي بدأ بعنوان “حماية الأرض” انتهى بشكوك في مصادر تمويل المشروع، وتبرم من المتضررين من الأوضاع المعيشية، واحتقان شعبي ضد تعمّق الانقسام بدلاً من معالجته.
الانفصال عن الواقع يُنتج الفشل
ببساطة، لم ينجح خطاب بن حبريش لأنه لم يكن متصالحًا مع الواقع. أراد خلق مشروع فوقي، منفصل عن السياقات السياسية الشرعية، ومُصادر لأصوات أبناء حضرموت الحقيقية.
وهنا يجب التذكير أن حضرموت، كما أكدت فعالياتها الأخيرة، لم تكن يومًا ضد الجنوب، بل ضد التهميش والنهب الذي مارسته قوى نفوذ صنعاء في الهضبة وفي وادي حضرموت.
لذلك، فإنّ محاولة تفكيك الجنوب باسم حضرموت، هي ببساطة خيانة مزدوجة: خيانة لهوية الجنوب، وخيانة لروح حضرموت التاريخية.
الكذبة انكشفت… والحساب اقترب
لقد تكشف الوهم. من كانوا يصفقون بالأمس، يصفعون المشروع اليوم.
ومن ظنّ أن الترويج الإعلامي والضجيج سيخفي الحقيقة، أدرك أن الشارع أوعى مما ظن.
إن سقوط مشروع بن حبريش من الداخل، على يد أصدقائه، هو أكبر دليل على أن حضرموت ليست ساحة لمن يبيع الأوهام، بل أرضٌ تسير نحو وعيٍ جنوبيٍ جامع، لا تقبل الاختزال ولا التلاعب ولا الانفصال باسم “الحكم الذاتي”.
السؤال الآن:
هل يستمر بن حبريش في إنكار الانكشاف؟
أم يعترف، متأخرًا، بأن المشروع سقط قبل أن يولد؟