حلوى الضأن….. والمستحيل الرابع

بقلم/ ثروت جيزاني
فيما تناسى قطاع كبير من الناس في عدن المكلومة وضواحيها شئ اسمه لحوم المواشي ، واضحت تلك أمنية تحولت فيما بعد إلى قصص خيالية تتناقلها ألأجيال في الذاكرة المجتمعية حين أصبح شراء لحوم المواشي تحت طائلة لمن أستطاع إليه سبيلا ، وهناك وفي القرب من الوطن وفي جواره تصنع الحلوى من لحم الضأن .
و في أقصى بحر العرب شرقا أيضا أشتهر الهنود في صناعة انواع عديدة من الحلوى الرائعة معتمدين على وفرة الألبان في اسواقهم ، بل كانوا قبل اعتماد البستره يسكبون تلك الألبان في الأنهار ومصارف المياه لعدم قدرتهم على الحفاظ عليها مدد طويلة .
وفي الاعتقاد الهندوسي بأن الأبقار حيوانات مقدسة ويجب ألا تتعرض للأذى أبدًا، ففي التقاليد الهندوسية تتمتع البقرة بمكانة مقدسة تتجاوز بكثير شكلها المادي، يُنظر إليها على أنها تجسيد للإله، ويتم تبجيلها كرمز للنقاء والخصوبة والوفرة ، والبقرة في عرف الهندوكي أفضل من الإنسان إذ تقول الفقرة 80 من الباب 11 من كتاب ( منو سمرتي) ما يلي: إن من يتخلى عن روحه طائعا مختارا في سبيل إنقاذ برهمن أو بقرة فإنه ينجو من إثم قتله برهمنيا، فجعل البقرة في مقام البرهمن الذي هو فوق الآلهة والمحرم ذبحها في عقيدتهم.
وبسبب ذلك التقديس (اللامعقول ) وتحريم الذبح أدى إلى زيادة كبيرة ووفيرة في الحليب والذي نتج عنه التنوع الرائع في صناعة الحلويات والمشروبات المرتبطة بالالبان ويعتبر من باب التبرك بالسائل الأبيض الذي تنتجه الهتهم.
وعودة على بدء ففي سلطنة عمان الجارة الشقيقة تصنع الحلوى من لحم الضأن ، نعم كما نقول ونؤكد أنه يصنعون من لحم الضأن حلوى ويعد الضأن مكونها الأساسي بعد إخلاءه من العظام حيث يوضع في الطبخة الواحدة خروف كامل لايقل عمره عن ستة أشهر ولايزيد عن عام وتعد تلك الحلوى مع خليط من المكونات الأخرى إضافة إلى عديد اللترات من الحليب البقري الطازج .
تبلغ قيمة الكيلو الواحد من هذه الحلوى النادرة والغريبة علينا والشعبية عندهم والتي اعتاد على إعدادها وتناولها في السلطنة تقريبا 105,000 ريال يمني مايعادل 20 ريال عماني .
يتحدث عدد من صانعي هذه الحلوى الغريبة أنها حلوى شعبية وقديمة ويحرص المواطن في السلطنة على شرائها .
يبدوا أن تلك الحلوى المصنوعة من لحم الضأن تؤشر إلى نمو للثروة الحيوانية في سلطنة عمان وبشكل لافت حتى أنهم قاموا بصناعة حلوى من لحم الضأن.
تقول الإحصاءات إن هناك نمو مضطرد للثروة الحيوانية في السلطنة بلغت في إحدى تعدادتها إلى 3,200,000 ثلاثة مليون ومائتين الف رأس ماشية بزيادة نسبتها 93٪ عن عامها الفائت .
ونحن نعيش حالة ممنهجة من الفوضى الخلاقة أدت إلى تجويع المواطن وانتشار الفقر بسبب غياب دور مؤسسات الدولة فيما يعيش جيراننا حالة من الإستقرار المجتمعي والاقتصادي تصل إلى حد الرفاهية وصناعة الحلوى من لحم الضأن (ماشاء الله) .
فمن العجب فإن مانملكه يفوق كثيرا وبأضعاف ماتملكه دول الجوار ومع ذلك فقد تمكنوا من ملامسة ذلك الاستقرار المميز (ادامها الله عليهم نعمة).
تمتلك سلطنة عمان الجارة الشقيقة 276 الف فدان زراعي(فقط) صنعوا منه استقرار تمويني وازن ويرى بالعين المجردة وقد أثبت اخوتنا الأشقاء قدرتهم على حسن إدارة للري أدى بالنتيجة إلى تنمية الثروة الحيوانية في تلك المساحة الزراعية المتواضعة جدا ،فيما نحن وفي دولتنا العتيدة نمتلك أكثر من 8,000,000 فدان لم نشاهد أو نعيش أي إستقرار في الإنتاج الزراعي والإنتاج الحيواني ، لما لا ونحن لانتوفف عن ذبح الإناث من المواشي ولا يحلو لنا الا أن نلتهم صغارها من حديثي الولادة كعادة ننفرد بها عن سائر الخلق .
يظهر جليا سر الإدارة وحسن أداءها في السلطنة في مقارنة تفضح مؤسساتنا المعنية بشأن الزراعة والإنتاج الحيواني .
نحن لانسعى إلى توفير الحليب لصناعة الحلوى الهندية ، بل ليتمكن اولادنا والأجيال القادمة من شربه صباح كل يوم كما يقول كتاب الصحة العامة ، ولا نأمل أن تتوفر لحوم المواشي لصناعة الحلوى منها نحن نأمل أن تكون هناك إدارة قادرة على التخطيط والتنفيذ لمستقبل واعد حتى تنعم الأجيال القادمة بشئ من الإستقرار.
حبانا الله سبحانه وتعالى هذا العام بإمطار غزيرة وسيول تكفي لزراعة الثمانية مليون فدان ولم يستفاد. منها الا النذر اليسير وجرت كل تلك السيول كما ذهبت الهبات الربانية السابقة والتي تذهب الى إعماق البحار ومجاهل الصحراء دون فائدة تذكر .
هذا يؤكد عدم وجود تخطيط وإشراف وتوجيه يفضي إلى نماء اهم قطاع استراتيجي لأي تجمعات بشرية في الكون ، إلا في وطننا فهي كما تبدو ٱخر اهتمامات اصحاب التخصص والقرار.
ولكن وعند سؤال أي مسئول مختص في شأن الزراعة والثروة الحيوانية يفاجئك بالقول في البداية ( نحن نمتلك ولدينا القدرة ويختمها بلكن) ، وبعد لكن لاتسمع شئ سوى عبارات تشبه لوغارتيمات الخوارزمي في معادلة الصفر والمقارنة بين نظرية نسبية انشتاين وسببية الغزالي ، لتخرج مشدوها دون إجابة تضيء معالم الطريق وليتأكد لك حينها أن الحلم في استقرار واعد في بلادنا قد أُدرٍج رابعا من ضمن المستحيلات الثلاث مع الغول والعنقاء والخل الوفي .
ثروت جيزاني / عدن
18مارس 2025م