الحياة مدرسة.. انما الجميع لم يتعلم؟

كتب/ جلال باشافعي
“في كثير من الأحيان تتكرر المواقف، بنفس السيناريو ولكن بأشكال مختلفة. أتذكر جيداً عندما كنت رئيساً للنقابة، كان البعض يتعمد استفزازي، يدفعونني بكل الطرق إلى الغضب والانفعال، ينتظرون أن أنفجر بالكلام أو أرد بحدة، ثم يستغلون ذلك لتقديم بلاغات ضدي، متهمينني بالإساءة والتجاوز. كانوا يستدرجونني إلى فخاخ مدروسة ليحولوا الضحية إلى متهم، والمظلوم إلى ظالم.
اليوم، وأنا أتابع المشهد الذي يعيشه الشعب، أرى نفس التكتيك يُمارَس على نطاق أكبر. تُمارَس الضغوط، تُدبَّر الاستفزازات، ويُدفَع الناس دفعاً للانفجار والغضب، ثم تُوَجَّه إليهم أصابع الاتهام: أنتم من أخطأتم، أنتم من أفسدتم، أنتم من تتحملون المسؤولية. إنها لعبة مكررة، ولكن ما يختلف هنا هو وعي الأشخاص وقدرتهم على استيعاب الدروس.
الفرق بين الأمس واليوم أنني شخصياً تعلمت من تلك التجربة. لم أعد أسقط في فخاخهم، ولم أعد أرد بانفعال يُستخدم ضدي. أدركت أن الصمت أحياناً أقوى من الكلمات، وأن ضبط النفس حكمة وليس ضعفاً.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل تعلّم الشعب من تلك الدروس؟ أم أنه لا يزال يكرر نفس الأخطاء، يسير في نفس الطريق، ويقع في نفس الفخاخ؟ هل ندرك أن الحكمة في التعامل مع هذه الأساليب هي ما يجعلنا نتجاوزها، أم أننا لا نزال نترك مشاعرنا تقودنا دون وعي؟
الحياة مدرسة، انما الجميع لم يتعلم. التغيير الحقيقي يبدأ حين نستوعب الدروس ونستخدمها كأدوات للمضي قدماً، لا كذكريات نكررها.”
جلال باشافعي
الاتحاد العام لنقابات الجنوبية