اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

وجهة نظر: الوقفة الاحتجاجية أمام المعاشيق بين مشروعية المطالب وحساسية التوقيت

وجهة نظر: الوقفة الاحتجاجية أمام المعاشيق بين مشروعية المطالب وحساسية التوقيت

د /عبدالرزاق عبدالله أحمد البكري

في ظل الظروف الراهنة، ومع بداية مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية والخدمية في الجنوب، برزت الدعوة التي أطلقها اتحاد نقابات عمال الجنوب لتنظيم وقفة احتجاجية أمام قصر المعاشيق، وهي خطوة تحمل في ظاهرها التعبير عن مطالب العمال والموظفين، لكنها في باطنها تستدعي قراءة سياسية، اقتصادية، واجتماعية معمقة.

إننا، ومن منطلق المسؤولية النقابية والحقوقية، ومع إدراكنا التام لمشروعية أي فعل احتجاجي سلمي، نجد أن إقامة هذه الوقفة في هذا التوقيت تحديدًا قد تحمل أضرارًا ومخاطر تفوق مكاسبها المحتملة، ولذلك نطالب بتأجيلها، وذلك للأسباب والمبررات الآتية:

1. تعارض التوقيت مع مسار الإصلاحات الجارية.
تشهد المحافظات الجنوبية، ولا سيما عدن والأراضي المحررة، تحسنًا ملحوظًا في بعض الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، فضلًا عن بداية خطوات عملية نحو إصلاح منظومة الرواتب والأجور وهيكلتها بما يحقق العدالة ويحسن معيشة العاملين. إن تنظيم وقفة في هذا التوقيت قد يُقرأ وكأنه تجاهل لهذه الجهود أو تشويش عليها او الوقوف حجر عثرة في طريقها.

2. تحسن قيمة العملة المحلية.
شهدت الأسواق مؤخرًا انخفاضًا في أسعار العملات الأجنبية وعودة نسبية للاستقرار النقدي، وهو مؤشر اقتصادي إيجابي بعد فترة طويلة من التدهور. هذه المرحلة الحساسة تتطلب دعم الاستقرار المالي، وليس أي فعل قد يبعث برسالة قلق إلى الداخل أو الخارج ويؤثر على ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي بالإصلاحات.

3. استجابة الحكومة للقاء مع الاتحاد.
الحكومة قد فتحت باب الحوار وأبدت استعدادها للاستماع إلى قيادات الاتحاد ومناقشة المطالب، وهذا يفرض على الاتحاد أن يمنح فرصة حقيقية لمسار التفاوض قبل اللجوء للتصعيد الميداني.

4. خطر تحويل العمل النقابي إلى أداة صراع سياسي.
الوقفة في هذا الظرف قد تُستغل من بعض الأطراف السياسية كذريعة لتوجيه رسائل ضد الحكومة أو عرقلة الإصلاحات، ما يُدخل الاتحاد في دائرة التجاذبات السياسية بدلًا من أن يبقى إطارًا مهنيًا مستقلاً يعبر عن مصالح العمال فقط.

5. إمكانية فقدان التعاطف الشعبي
المواطن الجنوبي اليوم يترقب ثمار الإصلاحات، وأي تصعيد غير مبرر قد يُفهم على أنه تعطيل متعمد للمسار الإيجابي، مما قد يفقد الاتحاد دعم الشارع ويضعف موقفه في المستقبل.

6. الإضرار بصورة الاتحاد كحارس للمصلحة العامة.
الاتحاد في هذه المرحلة يجب أن يكون شريكًا في الإصلاح والبناء، لا أن يُنظر إليه كـ “حجر عثرة” في طريق التحسينات، خاصة في ظل تحسن نسبي للأوضاع الخدمية والمالية.

إننا إذ نطرح هذه الملاحظات، لا ندعو إلى تكميم الأفواه أو إسكات صوت المطالب، ولكننا ندعو إلى تعليق أو تأجيل هذه الوقفة، ومنح الإصلاحات الجارية فرصة لتثبت جديتها، مع الاستمرار في المتابعة والمطالبة من خلال الحوار والتفاوض، وترك خيار التصعيد كملاذ أخير إذا فشلت الوعود أو تنكرت الحكومة للتزاماتها.

إن الجنوب اليوم بحاجة إلى وحدة الصف النقابي والسياسي خلف مسار الإصلاح، حتى نصل إلى مرحلة يكون فيها الاحتجاج أداة ضغط فاعلة لا عبئًا على مسيرة التعافي

الدكتور /عبدالرزاق عبدالله أحمد البكري. رئيس نقابة الباحثين الأكاديميين التربويين الجنوبيين

زر الذهاب إلى الأعلى