غزة لا تُخدع بعد اليوم، وهي تعرف ذلك

كتب / رائد عفيف
يظن البعض أن الحرب على غزة قد وضعت أوزارها، وأن الاتفاق الأخير كان بمثابة نهاية لمرحلة دامية وبداية لتهدئة طال انتظارها. لكن من يقرأ التاريخ بعينٍ فاحصة، يدرك أن ما يُكتب على الورق لا يُترجم بالضرورة إلى واقعٍ آمن، خاصة حين يكون الطرف الآخر قد اعتاد نقض العهود وتجاوز الاتفاقيات.
منذ وعد بلفور وحتى اتفاقيات أوسلو، مرورًا بكل هدنة مؤقتة أو تفاهم إنساني، يتكرر المشهد ذاته: توقيعٌ تحت ضغط دولي، ثم خرقٌ فجٌّ دون مساءلة. لا يحتاج المرء إلى كثير من التحليل ليدرك أن الثقة في من اعتاد التنكر للمواثيق هي ضربٌ من الوهم، وأن كل اتفاق لا يُحمى بإرادة شعبية وموقف عربي موحد، هو مجرد استراحة محارب قبل جولة جديدة من العدوان.
غزة، التي لم تنكسر رغم الحصار والدمار، لا تنتظر من العالم وعودًا جديدة، بل تنتظر صحوة ضمير، وموقفًا أخلاقيًا يعيد الاعتبار للحق الفلسطيني. فكل اتفاق لا يعيد الأرض ولا يرفع الظلم، هو مجرد حبر على ورق، يُستخدم لتلميع صورة المعتدي وتخدير الضحية.
التاريخ لا ينسى، والشعوب لا تُخدع إلى الأبد. وما يُكتب اليوم في بيانات التهدئة، سيُقرأ غدًا في كتب الخذلان، ما لم يُقرن بالفعل الصادق والعدالة الحقيقية.
اللهم ارحم شهداء غزة وفلسطين، وارفع درجاتهم في عليين، واجعل دماءهم نورًا يضيء درب الحرية والكرامة.
اللهم اجبر كسر قلوب الأمهات، وداوِ جراح الأطفال، وكن عونًا لكل من فقد بيتًا أو حبيبًا أو وطنًا.
اللهم كن مع أهلنا في فلسطين، ثبتهم، وامنحهم الصبر والقوة، وأبدل خوفهم أمنًا، وحزنهم فرحًا، وانكسارهم عزًا ونصرًا قريبًا يا رب العالمين.