الجيش الأمريكي ينخرط في الدفاع عن إسرائيل ضد ضربات إيران

النقابي الجنوبي/إعداد خاص
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن الجيش الأمريكي يشارك ميدانيًا في الدفاع عن إسرائيل منذ بداية التصعيد العسكري مع إيران يوم الجمعة، في خطوة تُبرز تحولًا مهمًا في طبيعة الانخراط الأمريكي بالمنطقة، واحتمال انزلاق المواجهة إلى صراع أوسع.
ووفقًا للتقرير، انخرطت وحدات أمريكية في عمليات تصدٍ جوي وصاروخي لمقذوفات أُطلقت من إيران، شملت طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية، فيما نشرت واشنطن قبيل الضربات الإيرانية عددًا من المقاتلات والمدمرات ومنظومات الدفاع الجوي في عدة مواقع حساسة من الشرق الأوسط.
دعم دفاعي مُسبق وتحركات استباقية
مصادر رسمية أمريكية أكدت أن وزارة الدفاع (البنتاغون) كانت قد اتخذت وضعًا دفاعيًا متقدمًا قبل الضربات الانتقامية الإيرانية، حيث تمركزت أنظمة “باتريوت” و”ثاد” في مواقع استراتيجية تحسبًا لهجمات عابرة للحدود، بينما تم حشد طائرات مقاتلة أمريكية في المنطقة، لتأمين المصالح الأمريكية والاستجابة الفورية لأي تصعيد.
وسقطت عدة صواريخ مساء السبت في محيط تل أبيب، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإلحاق أضرار مادية جسيمة. ولم ترد وزارة الدفاع الأمريكية على الفور بتصريحات رسمية حول طبيعة الاشتباك، لكن مسؤولين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم أكدوا استمرار تقييم الأضرار واعتراض المقذوفات.
نشاط عسكري من العراق إلى المتوسط
في العراق، ذكرت مصادر أمريكية أن قوات التحالف بقيادة واشنطن، المتمركزة في قاعدة الأسد الجوية غرب البلاد، تمكنت من اعتراض ثلاث طائرات مسيّرة هجومية يوم الجمعة، يُشتبه بأنها انطلقت من جماعات مسلحة مدعومة من إيران.
كما أُفيد بأن المدمرات البحرية الأمريكية أطلقت صواريخ اعتراضية هذا الأسبوع، في إطار عمليات دفاعية اعتيادية، يُعتقد أنها استهدفت صواريخ موجهة إلى أهداف داخل إسرائيل.
أنظمة “ثاد” و”آرو”: تكامل دفاعي مشترك
من أبرز الأنظمة الدفاعية التي استخدمت خلال هذا التصعيد، بطارية “ثاد” (THAAD) الأمريكية المضادة للصواريخ، والتي سبق أن تم نشرها داخل إسرائيل خلال إدارة بايدن، وذلك ضمن جهود لتعزيز الحماية ضد الهجمات الباليستية المحتملة، خصوصًا تلك التي وقعت في أبريل وأكتوبر 2024.
نظام “ثاد” يضم نحو 100 جندي أمريكي، وست منصات إطلاق، ورادار متنقل، ووحدة تحكم نيران. وقد استخدم مؤخرًا لاعتراض صواريخ حوثية طويلة المدى أُطلقت من اليمن، غالبًا بالتنسيق مع منظومة “آرو” الإسرائيلية.
هذا التكامل بين الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية والأمريكية يشير إلى مستوى متقدم من الشراكة العسكرية يتجاوز المفهوم التقليدي للمساعدات، ليصل إلى درجة “الدفاع المشترك الفعلي”.
تحذيرات من تصعيد إقليمي أوسع
ومع تزايد المخاوف من أن يتحول التصعيد الإيراني–الإسرائيلي إلى نزاع إقليمي أوسع، أشارت الصحيفة إلى أن المنشآت العسكرية والدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط وربما في مناطق أخرى، قد تُصبح أهدافًا محتملة لوكلاء إيران.
ويرى محللون أن نشر واشنطن لقواتها الدفاعية في المنطقة، وقيامها بعمليات اعتراض مباشرة، يشكل تغيرًا نوعيًا في سلوكها، وينطوي على استعداد سياسي لتحمل كلفة أي مواجهة عسكرية غير مباشرة مع طهران.
موقف البيت الأبيض: دعم مشروط أم انخراط متصاعد؟
حتى الآن، لم يصدر بيان رسمي مفصل من البيت الأبيض بشأن طبيعة المشاركة الأمريكية. غير أن مصادر مقربة من وزارة الدفاع أكدت أن “الدور الأمريكي سيبقى دفاعيًا ومحدودًا طالما لم تُستهدف المصالح الأمريكية مباشرة”.
لكن مع توسيع نطاق الهجمات وتعدد الجهات المنخرطة فيها، تبقى احتمالات التصعيد مفتوحة، خاصة إذا ما واصلت إيران أو حلفاؤها إطلاق ضربات نوعية تطال قواعد أمريكية في العراق أو سوريا أو دول الخليج.
في المحصلة
تعكس هذه التطورات مرحلة جديدة من الانخراط الأمريكي في صراعات الشرق الأوسط، تتجاوز الدعم السياسي أو اللوجستي، نحو مشاركة ميدانية دفاعية نشطة، قد تُعيد رسم قواعد الاشتباك وتدفع بتداعيات جديدة على الأمن الإقليمي والدولي.