بين استحقاقات الغد وأوهام الأمس: الجنوب أمام لحظة الحسم المصيرية

النقابي الجنوبي/خاص/رصد وتحرير: هشام صويلح
من قلب العاصمة عدن، حيث تختلط أنفاس التاريخ بآهات الحاضر وتطلعات المستقبل، يعود الجنوب اليوم ليواجه تحديًا مصيريًا بين استدعاء ماضيه بكل ما يحمله من تناقضات، وبين محاكمة حاضره وتأجيل استحقاقاته القادمة. في تحليله العميق، يضع د. أمين العلياني أسئلة حادة أمام الواقع الجنوبي، متسائلًا: هل يُراد لشعب الجنوب أن يظل رهينة ذاكرة مثقلة، أم أن يُمنح فرصة ليكتب مستقبله بإرادته الحرة؟
استدعاء الماضي: سلاح سياسي لتأجيل الاستحقاقات
ينبه العلياني إلى أن استدعاء التاريخ، بإيجابياته وسلبياته، قد تحول إلى أداة سياسية خطيرة بيد المحتل الشمالي وبعض القوى المحلية المأزومة، يتم عبرها ذبح إرادة الجنوب وتأجيل استحقاقاته. هذا الاستدعاء لا يخدم سوى الأعداء الحقيقيين للهوية الجنوبية الذين يحاولون إبقاء الجنوب سجينَ شظايا ماضية، فاقدًا لبوصلة المستقبل.
الهويات الضيقة: محاولة لإرباك الهوية الجامعة
يحلل العلياني تفشي ظاهرة تفريخ المكونات والهويات الضيقة داخل الجنوب، سواء عبر ولاءات شمالية مقنعة بشعارات اليمن الكبير أو عبر أجندات إقليمية تحاول تفكيك الهوية الجنوبية الجامعة. مقابل ذلك، يشيد بموقف المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي الذي مدّ يده للحوار مع جميع الأطراف، مؤمنًا بأن استحقاقات الحرية لا تتحقق إلا بمشروع وطني لا يغرق في ماضويات مفرقة.
1967م: اللحظة التي يريدون تجميد الجنوب عندها
ينتقد العلياني محاولات البعض إبقاء الجنوب حبيس لحظة التحول عام 1967م، وكأن الزمن توقف منذ ذلك العهد. ويحذر من أن اختزال القضية الجنوبية في صراع تاريخي ماضوي يخدم الاحتلال وأدواته فقط، مؤكدًا أن الجنوب أمام تحديات معاصرة تحتاج لفهم جديد للواقع، لا لاجترار ذكريات قديمة تجاوزها الزمن.
الهويات المتجاوزة: الطريق السريع نحو التمزيق
يركز العلياني على محاولات بعض القوى إحياء هويات قبلية أو حزبية قديمة، معتبرًا أن هذه المحاولات، رغم ظاهرها البريء، تخدم المشروع الشمالي الحوثي-الإخواني في تمزيق الجنوب. ويتساءل: كيف يمكن أن تعيق هويات عفا عليها الزمن حلم ملايين الجنوبيين بالعيش في ظل دولة حرة ومستقرة؟
التفويض الشعبي للمجلس الانتقالي: حقيقة لا يمكن القفز عليها
يتوقف العلياني أمام تفويض الشعب الجنوبي للمجلس الانتقالي بقيادة الزبيدي، معتبرًا أنه تفويض صادق بإرادة التحرر والوحدة الداخلية. لكنه يحذر من مؤامرات تفريخ مكونات بديلة تهدف لإضعاف المجلس وتشتيت الموقف الجنوبي، متسائلًا: من المستفيد من إضعاف تمثيل إرادة الجنوب في مفاوضات الحل النهائي؟
حكومة حرب للشمال.. وحكومة تنمية للجنوب
يطرح العلياني رؤية استراتيجية تقول إن الجنوب يحتاج لحكومة تنمية جنوبية تبني وتعمر، بينما يُترك الشمال لمعركته مع الحوثي. يحذر بسخرية من محاولات عرقلة ذلك قائلًا: “أليس هناك من يخشى أن يصبح الجنوب قوة لا يمكن تجاهلها؟”
إلى متى الانتظار؟.. سؤال تصرخ به شوارع الجنوب
بصيحة مدوية، يلخص العلياني معاناة الجنوب: “إلى متى الانتظار؟”، مطالبًا النخب الجنوبية بالتحرر من الارتهان للأجندات الخارجية. ويؤكد أن أي تأخير إضافي يعني تفويت فرصة تاريخية على الجنوب لن تعوض بسهولة.
مفترق الطرق: إما التحرر الكامل أو الارتهان الدائم
في خاتمة تحليله، يضع العلياني الجنوب أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما المضي قدمًا نحو استعادة الدولة الجنوبية وعاصمتها عدن عبر الحوار والمسار السياسي الآمن،
أو البقاء رهينة لصراعات الماضي وعقبات الحاضر.
ويختم بتحذير واضح: “لا مستقبل بدون عدالة، ولا عدالة بدون وحدة، ولا انتصار بدون إرادة.”
تأكيدًا على العهد الجنوبي الخالد:
“عهد الرجال للرجال.”