اعلان كاك بنك صحيفة النقابي.

تقرير ساخن: ملحمة تحرير عدن.. نصر صنعه أبطال الجنوب في ليالي رمضان

 

في ليالي رمضان المباركة من عام 2015، كانت العاصمة عدن تعيش واحدة من أصعب مراحلها، حيث اجتاحت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع الهالك السابق علي عبد الله صالح المدينة، محاولين فرض قبضتهم الحديدية على الجنوب.

وتحولت شوارع عدن إلى ساحات قتال شرس، وواجه أبناء الجنوب هذا الغزو بقلوب عامرة بالإيمان وصدور عارية إلا من الإرادة والعزيمة.

ووسط هذا الظلام، برزت المقاومة الجنوبية-والتي هي حاليا تحت ظل المجلس الانتقالي- كحائط صد منيع، متحديةً آلة الحرب التي أرادت قمع إرادة الشعب الجنوبي وكسر شوكته.

 

ومع تزايد الانتهاكات الحوثية وتصاعد البطش والقمع، أصبح من الضروري تنفيذ تحرك حاسم لتحرير العاصمة،و بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، انطلقت عملية “السهم الذهبي”، وهي خطة عسكرية محكمة استهدفت طرد الميليشيات من عدن.

وشاركت في العملية قوات جنوبية مدربة، معظمها من الجنود المسرحين منذ حرب 1994، ممن خضعوا لتدريبات عسكرية مكثفة. كما لعبت المقاومة الشعبية الجنوبية دوراً حاسماً، حيث هبّ أبناء الجنوب من كل المحافظات للدفاع عن عدن، مشكلين جبهة موحدة ضد الغزاة.

 

وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان، بدأت معركة التحرير الكبرى، وانطلقت القوات من رأس عمران محققة تقدماً خاطفاً،  وخلال ساعات قليلة، سقطت مواقع استراتيجية في قبضة المقاومة، وتوالت الانتصارات مع تحرير مطار عدن وحي خور مكسر، وسط مواجهات عنيفة سطر خلالها المقاتلون الجنوبيون أروع البطولات.

وبرز الرئيس عيدروس الزبيدي كقائد ميداني استثنائي، حيث سبق له قيادة معارك الضالع ضد الحوثيين، ثم قاد قواته المدربة نحو عدن، ليكون صاحب أول قوة جنوبية منظمة لعبت دوراً حاسماً في دحر الميليشيات.

 

ولم يكن هذا الانتصار ليتحقق لولا تضحيات أبناء الجنوب، من لجان شعبية ومتقاعدين ومسرحين حملوا السلاح دفاعاً عن أرضهم، والأمهات اللاتي قدّمن أبناءهن في سبيل الحرية، والأفراد الذين شاركوا في اعتصامات الحراك الجنوبي.

وفي كل شارع وزقاق، كانت هناك قصة بطولة، وكل عائلة قدمت شهيداً أو جريحاً، رافعةً راية المقاومة في وجه الاحتلال. كما قدم التحالف العربي دعماً جوياً وبحرياً حاسماً، حيث استهدفت المقاتلات مواقع الميليشيات بدقة، وساهمت القوات البحرية في عمليات الإنزال، ما أربك العدو وسرّع وتيرة التحرير.

 

ومع بزوغ فجر السابع والعشرين من رمضان، تحررت عدن من قبضة الميليشيات، وعاد إليها الأمل بعد شهور من المعاناة، لكن هذا النصر لم يكن نهاية المطاف، بل بداية مرحلة جديدة من التحديات، حيث بدأت جهود إعادة الإعمار وسط أزمات أمنية واقتصادية خانقة.

واستمر الجنوبيون في نضالهم لتحرير بقية المناطق، وتولى الرئيس عيدروس الزبيدي قيادة عدن كمحافظ في ديسمبر 2015، ليعمل على إعادة بناء المؤسسات وتوحيد الصف الجنوبي، مؤسساً المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017. واليوم، تبقى ذكرى تحرير عدن رمزاً خالداً في وجدان الجنوبيين، وشاهداً على قوة الإرادة والصمود في وجه الظلم والطغيان.

زر الذهاب إلى الأعلى