الذكرى «60» لثورة 14اكتوبر.. ثائرة جنوبية تستولي على دبابة الانجليزي بعد اسقاط مدينة كريتر وقامت بقيادتها

النقابي الجنوبي/ متابعة خاصة
مازالت الذكريات النضالية لثائرات الجنوب ضد الاحتلال البريطاني محفورة في قلوب الجنوبيين، وعلى جدران الزمن تتلى بطولاتهن.
وهنا نستعرض حياة مسيرة نضالية للثائرة الجنوبية( نجوى مكاوي)، التي كان لها صولاتها وجولاتها في ساحات وميادين الوغى في العاصمة الجنوبية عدن.
لقد استطاعت نجوى مكاوي بنت الجنوب الحر ان توثق تاريخها النضالي باحرف من نور.. ففي موقف نضالي لها مع احدى رفيقاتها في النضال، وتحديدا في المهام التي كلفن بهن، توزيع المنشورات مستغلة سيارتها الخاصة،لكنهن فوجئن باكتشاف جند الاحتلال لهن،فتم ايقافهن في احدى نقاط التفتيش،، الامر الذي جعل جند الاحتلال البريطاني لطلبهن النزول من السيارة بعد ان قالت لرفيقتها فضلا اغلقي النوافذ ولا تتحركي من السيارة في حال طلبوا منا ذلك، وحقا فقد طلب جنود نقطة التفتيش نزولهن من السيارة، الا ان طلبهم قوبل بالرفض، الامر الذي استدعى من قبل جنود نقطة التفتيش الى ابلاغ قيادتهم لارسال عربة عسكرية لسحب سيارتها، وبدروها ارسلت العربة وتم سحب السيارة وبداخلها الثائرة الجنوبية( نجوى مكاوي) ورفيقتها، وتم زجهن في السجن.
النقابي الجنوبي تنقل جزء من سيرة المناضلة الجنوبية الراحلة نجوى مكاوي وعلى لسان (سعاد العلس) التي قالت: كسرت المناضلة الراحلة نجوى مكاوي حواجز العلاقات الاجتماعية البرجوازية (النسائية)، وأحالت منزلها في كريتر من صالون للعلاقات الكلاسيكية إلى مقرّ اجتماعات رفاق النضال المسلح، ومخبأ للمنشورات التي تُحرِّض على مقاومة الاستعمار البريطاني والمطالبة بالاستقلال ونيل الحرية.
وُلِدت بمدينة عدن مطلع أغسطس 1943؛ عانت من اليُتم المبكر في طفولتها بفقدان والديها وهي بعمر العامين، فكفلها جدها لأبيها، وأغدق عليها فيضًا من الحب والحنان، حتى إنّه منحها ميراثها من والديها كاملًا عند بلوغها سنّ الرشد.
تواكُبًا مع المتغيرات السياسية العربية تحت تأثير حركة التغيير القومية العربية والتحرّر من الاستعمار، التي سادت الوطن العربي، وتحديدًا بعد ثورة يوليو، تأسست جمعية المرأة العربية في عدن في العام 1961، تناغُمًا مع الدعوات المركزة على الإيمان بالوحدة العربية، ويرجع الفضل في تأسيس الجمعية للمناضلة رضية إحسان الله، والتي انضمت إلى صفوفها نجوى مكاوي، وعائدة علي سعيد، وزهرة هبة الله، وفتحية باسنيد، ونجيبة محمد عبدالله التي رأست فرع الجمعية في مدينة الشيخ عثمان، وكانت نجوى تحرص على نقل النساء من كريتر إلى الشيخ عثمان للمشاركة في أنشطة الجمعية.
عند إضراب الطالبات في كلية البنات في خور مكسر وبحكم إمكانياتها، هيّأت نجوى مكاوي للطالبات سُبل التحرك الشعبي في الأوساط الأهلية لكسب الدعم لهن.
بعد تأسيس الجبهة القومية في العام 1963، استطاعت نجوى، ولسهولة تحركاتها ومقدرتها على الإقناع، واستقطابَ عددٍ من الفتيات من أوساط وعضوات الجمعية العربية للانضمام إلى صفوف الجبهة القومية، واستطاعت تطعيم الجبهة بأعدادٍ من المناضلات من خارج الجمعية أيضًا.
كان دورها في العمليات الفدائية، التي شهدتها مدينة عدن ضدّ المحتلين الإنجليز بين 63 و67، هو نقل السلاح للفدائيين، والتمترس خلف العمليات الفدائية، تأهُّبًا لنقلهم بعد انتهائهم منها وإنقاذ المصابين منهم.
حضرت نجوى مكاوي المؤتمرَ الثاني للجبهة القومية الذي انعقد في مدينة جبلة بمحافظة إب في يونيو 1966، وانتخبت في قيادة القطاع النسائي للجبهة.
في 11 فبراير 1967، لعبت نجوى مكاوي دورًا مهمًّا في إخراج جثمان الشهيد (عبود علي غالب) من مستشفى الملكة في خور مكسر، بعد استشهاده في معركة مع الجنود البريطانيين في الشيخ عثمان، وقد رفضت إدارة المستشفى تسليم جثمانه لرفاقه الفدائيين لتشييعه ودفنه، وطلبت حضور أحد أقارب الشهيد، فما كان من قيادة الجبهة القومية سوى الاستعانة بن(نجوى مكاوي) والتي هى الاخرى اتفقت مع ثلاث سيدات من مناضلات الجبهة القومية للخروج من مأزق كهذا
وبذلك استطعن اجادة الدور المطلوب من قبلهن، حيث وقفن أمام مشرحة المستشفى وبصراخهن بأصواتهن المرتفعة مطالبات بالجثمان، وتحقّق لهن ما أردن، فاستلم رفاق الشهيد الجثمان، وتم نقله لمنزل في منطقة الخساف بكريتر، حيث تم تكفينه وتشييعه بجنازة كبيرة.
تزوّجت نجوى مكاوي من رفيقها المناضل المعروف باسمه الحركي (سعيد الإبّي)، بينما ان اسمه الحقيقي «عبدالوارث» الذي يعود إليه الفضل في توثيق تاريخ النضال المسلح، وأحد الذين استقطبوا عبود إلى القطاع الفدائي في الجبهة القومية، ثم انفصلت عنه لاحقًا.
لم تتبوّأ أيّ مواقع وظيفية بعد الاستقلال، ووجدت نفسها فقيرة بعد نفاد ثروتها بشراء الأسلحة ودعم المناضلين والمناضلات في صفوف الجبهة في سنوات الكفاح المسلح، فقررت السفرَ إلى دولة الكويت للعمل فيها، لكنّها سرعان ما عادت إلى عدن بطلب من رفيقها (علي عنتر) الذي أمر بصرف معاش شهري لها.
عانت الراحلة من مرض الكبد الذي كان سببا في وفاتها في 20 يونيو 1981، في ذكرى قيادتها للدبابة التي أعلنت عن إسقاط مدينة كريتر في يد الجبهة القومية في العام 1967.
بعد وفاتها أُطلِق اسمها على وحدة سكنية في مدينة المنصورة (وحدة نجوى مكاوي)، باقتراح من رفيقها أحمد محمد قعطبي، وزير الإسكان حينها، فبقيَ اسمها خالدًا يتردّد على ألسنة الناس، الذين قد لا يعرفون السيرة النضالية لواحدة من أيقونات أكتوبر العظيم.